ابتسامة ”أم ولاء” وخضارها ”الطازة” رزق ربّى 9 أبناء
الأكثر مشاهدة
تصوير :نورهان محسن
زوج ملقى على إحدى أسِرَّة مستشفى القصر العيني، يصارع المرض، وزوجة مشتت فكرها بين أبنائها التسعة في محافظة الشرقية، لم تغفل أعينها بسبب توفير المال اللازم لسد حاجاتها، وأتى القدر ليقف بجانبها، فخلال زيارتها للسوق المجاور للقصر بدأت معافرة "أم ولاء" مع قسوة الزمن.
قبل شروق الشمس يبدأ يوم "أم ولاء" من محافظة الشرقية، التي تبعد عن القاهرة بمسافة ساعتين أو أكثر، فتبدأ في رحلة البحث عن الرزق من الساعة الثالثة فجرًا للحصول على الخضروات، ثم تستقل قطار الخامسة المتوجه إلى محطة رمسيس، بصحبة البضاعة المحملة أعلى رأسها، وتصل في النهاية إلى سوق سعد زغلول الذي يستقبلها منذ عام 1991، في تمام الثامنة صباحًا.
لعبت السيدة الخمسينية دور الرجل والمرأة، فتحملت عبء توفير العلاج لزوجها الذي فارق الحياة منذ عشر سنوات، والأموال اللازمة لتعليم بناتها الأربع، وأولادها الخمس، فبعد رحلة تفكير وبحث عن عمل مناسب، لم يلائم ظروفها سوى العمل في بيع الخضروات، وعندما زادات حاجاتها إلى المال، توصلت إلى حيل جديدة لكسب الرزق، فأضافت منتجات جديدة إلى جانب تجهيز الخضار لزبائنها.
"جميع الوزارات بتشتري مني، وليا زباين في كل حتة"، نظرا للمكان الاستراتيجي الذي تجلس فيه السيدة، والذي يجمع العديد من الوزارات، تنهال عليها الزبائن بكثرة، وبنظرة ثقة مصحوبة بابتسامة "في ناس بتجيلي من حلوان مخصوص"، مرجعة ذلك إلى جودة منتجاتها وسعرها المناسب "لو فيه حد معهوش فلوس بقوله خد ومتدفعش".
تتنوع منتجات السيدة التي لديها 14 حفيد ، بين الخضار بأنواعه المختلفة كالبسلة والكوسة والملوخية والسبانخ، يجاورهم أطباق المحشي الجاهزة على الطهي، إلى جانبهم "الفطير المشلتت" و"الجبنة القريش" و"الزبدة"، ولم يغفل عن بالها البحث عن توفير سبل الراحة لزبائنها فتوفر لهم "الثوم" الجاهز، رغم وجود أكثر من سيدة تقوم بمهمة "أم ولاء" إلا أن الزبائن تأتي إليها بالاسم "زبايني بيحبوني موت"، وفي مشهد يسوده البهجة والرضا والكلمات الطيبة المتناثرة حولها، تستمر في العمل حتى الثامنة مساءًا.
لم يخلِ يوم السيدة التي تخطت الخمسين من العقبات، لحظة من الصمت وعودة ربع قرن إلى الوراء، تذكرت أوقات البرد القارص، الذي تواجهها بشكل يومي في القطار الخالي من الشبابيك "القطر بتاعنا مفهوش حتة أزازة واحدة في الشباك"، ثم انتقلت إلى الوقت اللاحق لثورة يناير، متحدثة عن الأضرار التي لحقت ببضاعتها "صدرى تاعبني لدلوقتي من أيام الثورة".
لم يكن الدافع وراء عملها سوى الحاجة إلى المال، وبمرور الوقت تزيد عليها الأحمال، خاصة عند زواج بناتها الأربع "جوزت بناتي من شغلي محدش ساعدني ولا بقبض حتى معاش"، لديها 14 حفيد وحفيدة أكبرهم في الصف الثالث الإعدادي.
"يوم الجامع اللي انضرب عيط عليهم وتابعت طول اليوم"، لم تشغلها ملهاة العمل اليومية عن متابعة الأحداث الجارية، فتميل إلى معرفة الأحداث السياسية
، فخلال حديثها ذكرت بعض الأحداث التي مرت بها مصر بذكر يوم الحدث.
وسط انهماك في تجهيز أكياس الخضار، وأعين مشغولة بمتابعة الزبائن، تمنت "أم ولاء" زيارة بيت الله الحرام، وبنبرة صوت مرتفعة "أنا بتابع كورة من سنة 1981"، ثم توقفت عند اسم "محمود الخطيب" و"عماد متعب"، فهما اللاعبان المفضلان لقلبها "عماد متعب جاري وأنا بشجعه".
الكاتب
سمر حسن
الثلاثاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا